في زمن ما كان وهم , دائمة الجلوس تمشط شعر الأمواج , ترسم قلوب صغيرة بيدها البضة ,شفافة الحواس , بريئة الروح , عندما تعبر الإشارات في خيالها وتقطع الطريق بين منزلها وشارع البحر وتحتويها غرفتها بين ضباب الشتاء وخداع ضباب الصيف ,كان البحر يتشكل بوجه باسم , مشرق وتمتد يد منها إلي الزجاج تلامس وجهه الحنون ويد تربت علي كتفها بحنان أبوي , يحتويها , تغرق في كنفه , تذهب إلي خلف الحدود
, تشعر بالأنفاس تحتوي نبضاتها وكان الأخر يناظر خلف الزجاج بوجهه الصبوح , وغضبه الهادر في رقة ويبتسم في خفوت ويستكين , ويعود إلي مرفأه القديم , ينسحب بخفوت , يحمل معه بقايا قلوبها الصغيرة المتناثرة , وبقايا خطواتها , كانت ومازالت قصة عشق بينها وبين البحر .
زمن أخر كان وهم , كانت تجدل من الكلمات قصة حب وتخضر روحها بعبق روائحه الطيبة ,الآن وحدها تبحث عن سر تلك الابتسامة وتلك العلاقة – نفسي اعشلك كل يوم من عمري – هكذا كان حديثها للبحر وطعم الملح في شفتيها , في ارض الخيال , كان هناك مجال لأحلام الأساطير عندما بلل الفرح وجهها بقطعة شيكولاتة يمد بها يده إليها , وضحكته تملأ فاه (( سأأتيك غدا بأخرى ولكن إن كبرت لا تتركيني )) وكبرت وشاب الشعر , وملأت الخصلات البيضاء فوديها , ونمي وتكاثر وضعف البصر , ونست قطعه الشوكولاتة , ولم تنسي وقوفها أمام زجاج النافذة ونفس الضحكة تغمرها
و هي ترقب يدها تعانق يد البحر في خفوت ,أمالت رأسها وطالعت ضحكته التي شاخت وقوته التي وهنت وأجفانه التي ثقلت وتهادي في رقة وحنان ومازلت يده تمسك يدها في رقة ويجذبها معه إلي الخلف في هدوء وأسلمت نفسها لخطواتها , تركت اثر من بقايا أصابعها مغروسة في الرمل , وانطلقت في هدوء تعبر الطرف الأخر خلف الأفق واستكان الماء ولم يكن هناك حديث سوي الصمت وفقاقيع صغيرة تلهو في السماء وغيمة من الأمنيات تنطق سعادة ويد تربطت علي كتفها في نعومة (( أماه )) ويد أخري تربط فوق منكبيه (( أبتاه )) وأخري لصورة يرسمها الزمن فوق الجدران ليد تعشق فن الألوان وفوضي الجمال وقطعة شيكولاتة ترسمني معهم فوق شفاهي .